Wednesday, February 18, 2009

غريب أمر البعض في لبنان. فالنقاش السياسي معهم يتعلّق بالأشخاص و ليس بالمبادئ.



رفاق الوزير الراحل شهيدنا البطل الرئيس ايلي حبيقة ستقومون من تحت الرماد كطائر الفينيق «وعد »

غريب أمر البعض في لبنان. فالنقاش السياسي معهم يتعلّق بالأشخاص و ليس بالمبادئ. و هكذا يتحوّل هذا النقاش الى مشاحنة كلامية مليئة بالعبارات الرخيصة بدل أن يكون تبادلاً حضارياً للأفكار و تحليلها و تبيان نقاط القوة و الضعف فيها. و الأسوأ من ذلك ينتظر منك هذا البعض أن تلجأ أنت ايضاً مثلهم إلى هذا الدرك في الأسلوب و التعاطي. فالويل لك إذا أنت فعلت و الويل لك إذا أنت أحجمت.

للأسف، هذه اللعبة المضحكة المبكية هي سمة الذين لا حجة لهم سوى النقد السلبي الذي يهدم و لا يبني. هي أيضاً سمة الذين لم يتعودوا على أخذ المبادرات، إما عن جهل أو عن عدم قدرة. هي سمة الذين لا شغل لهم و لا شاغل الا الكلام الفارغ من أي مضمون. هي أخيراً سمة الذين تربوا على مقولة "الكذب ملح الرجال" غافلين أن الكذب في النهاية حبله قصير.

و بكلّ صراحة أرى أن هذا التصرف موجود بكثرة لدى العديد من الفريق السياسي الذي يتغنى بثورة اأكرز... و الذي نسي أو تناسى أننا كنا نحن في أساسها. فبدل أن يقارعوا الحجة بالحجة علهم يفهموا لماذا اخترنا طريقاً يختلف عن طريقهم، يستخدمون كل الوسائل لتحطيم صورتك و تشويه سمعتك كي يبرزوا هم. و للأسف الشديد تشترك معهم في تلك الحملة وسائل اعلامية تقول عن نفسها انها تحب الحياة و تتطلع الى المستقبل و تشرق شامخة كل نهار.

و نحن هنا، بالمقارنة البسيطة، نستطيع تبيان الفارق في المنطق و التفكير بيننا و بينهم تاركين للقارئ حرية الحكم عن ما هو صائب و ما هو خطأ.

أولاً: هم يريدون بناء الدولة الحرة السيدة و المستقلة تماماً كما نحن نريد أيضاً. غير أننا نسعى نحن الى بنائها عن طريق نسج التفاهمات بين مكونات المجتمع السياسي من دون استثناء، بينما هم يريدون بناءها على تغذية الأحقاد و العصبيات و عداء البعض للبعض الآخر. و كل هذا دون أن يقولوا لك ما هو البديل لديهم عن هذه التفاهمات التي تحمي البلد. و الأخطر من ذلك، فد يأتي يوم و يقرروا هم البدء في نسج تفاهمات جديدة شرط أن يكونوا قد الغوك من المعادلة لا لشيئ إلا لأنك سبقتهم إلى ذلك، فيأتي هذا القرار بعد خراب البصرة.

ثانياً: هم يريدون أن يأتوا الى الندوة البرلمانية بأصواتكم انتم لأنهم ديمقراطيون او هكذا يدّعون؛ و هم بنفس الوقت ينكرون عليك كل لحظة الديمقراطية التي اتيت انت من خلالها الى هذه الندوة سنة 1996، و لن يتهاونوا بفعل الشيئ ذاته اذا انت فزت مجدداً بها سنة 2000...

ثالثاً: هم يريدون العدالة على قياسهم فيتهمونك مجاناً بالتخاذل او بالتواطؤ مع القتلة و المجرمين بينما نحن نسعى الى تحقيق العدالة و احقاق الحق. و عندما نقول لهم ان هنالك أمراً مريباً أن تحصل في لبنان اكثر من 28 جريمة سياسية كبرى دون أن يكشف النقاب عن اية واحدة منها، ينهالوا عليك بصفات الخيانة و العمالة و الإنتماء الى محاور عجيبة غريبة....!

رابعاً: هم يريدون الاستمرار في ادارة شؤون الوطن و هذا حق مشروع غير انهم لم يفهموا ان تاريخ ممارستهم لهذه الادارة لما يناهز العشرين سنة لا يشرفهم كثيراً. مع كل ذلك، اردنا نحن من البداية الإنطلاق معهم لكي نغيّر و نصلح لاعتقادنا ان التجارب السابقة قد علمتهم، فاذا بهم يرفضون و يريدون اصوات اللبنانيين لتكملة مسيرة فشلهم و سوء ادارتهم لشؤون الناس و انغماسهم بأفعال فاسدة يبدو انهم غير قادرين على تخطيها.

غريب أمر البعض في لبنان. فهم لا يريدون أن يفهموا أن من اختار أن يقاوم في لبنان في غياب الدولة، او على الاقل لعدم قدرتها على حمايتهم، هم جزء من الشعب اللبناني الذي يعيش يومياً في الارض الجنوبية و ليسوا ايرانيين هبطوا بالمظلة هناك؛ و هذا بغض النظر ان كنت تناصر قضيتهم او لا تناصرها. و ماذا لو انقلبت الادوار و كان المقاومون الحاليون من سكان بيروت و الأشرفية و المتن و كسروان و عكار و الشوف و هم الذين يشنون كل يوم حرباً ضروساً على مواطنيهم المقاومين من سكان لبنان و قراه النائية. بربكم ماذا كانوا ليفعلوا...؟

دعوتنا الخالصة و من القلب لهم ان يقاربوا ما حدث في لبنان بطريقة مختلفة و يلتحقوا قبل فوات الاوان بمسيرة الاصلاح شرط ان يصدقوا مع انفسهم و مع الآخرين.